Site icon Akhbar Lobnan

رئيس الصندوق العربي للإنماء “للوطنية”: نريد مساعدة لبنان على النهوض وملتزمون السير بالمشاريع التي لها الأولوية

في ظل التحديات الاقتصادية والسياسية العاصفة التي يمر بها لبنان، تبقى الجهات التمويلية العربية شريكة أساسية في دعم الاستقرار وإعادة النهوض. وبين هذه الجهات، يبرز الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي كأحد أبرز الممولين الذين واكبوا لبنان منذ أكثر من أربعة عقود. فقد ساهم الصندوق في تمويل مشاريع حيوية شملت قطاعات الكهرباء، النقل، المياه، والتعليم، إضافة إلى تقديم هبات ومعونات دعمت صمود الدولة اللبنانية في محطات دقيقة.

“الوكالة الوطنية للاعلام “التقت في مقابلة حصرية، المدير العام ورئيس مجلس ادارة الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي بدر السعد، الذي يزور لبنان مع الوفد المرافق،  متحدثا عن مسار العلاقة مع لبنان، المشاريع الحالية، التحديات، والمستقبل.

سئل: ما هدف زيارتكم اليوم إلى لبنان؟ 

اجاب: “بداية، اشكر فخامة الرئيس جوزاف عون على حسن الاستقبال، اردنا ان نزور لبنان في هذا العهد الجديد لنكون اول جهة تمويلية موجودة هنا من اجل اعادة بناء المشاريع واعادة التمويل التنموية. لزيارتنا هدفان: الاول ان هناك مشاريع قائمة توقفت لفترة طويلة من الزمن ونحن هنا لاعادة إحياء هذه المشاريع المتوقفة، ثانيا، تقديم تمويلات جديدة في ما يتعلق بالقطاعات المتضررة مثل المياه والكهرباء والصحة والتعليم والطرق. ان هدف الزيارة الأساسي هو اعادة نشاط الصندوق العربي في لبنان. ونحن اكدنا للرئيس عون التزام الصندوق تجاه لبنان، وسنناقش التفاصيل الفنية مع الوزراء المعنيين ومجلس الإنماء والإعمار، كما ستشمل جولتنا رئيس مجلس النواب ورئيس الحكومة وحاكم مصرف لبنان”.

سئل: لماذا توقفت المشاريع في لبنان؟ 

اجاب: “هناك اسباب عدة لتوقفها، إضافة إلى ظروف المنطقة والظروف السياسية التي مر بها لبنان، كلها كانت عوائق في استمرار هذه المشاريع. اليوم، هناك حكومة جديدة ونفس جديد وسريع، الأمر الذي حفزنا ان نكون اول من يحضر إلى لبنان لتقديم التمويل”.

سئل: ما هي ابرز القطاعات التي ستبداون العمل بها؟

اجاب: “نحن نعتبر ان قطاع الكهرباء هو اول قطاع مهم، نظرا لوضعه الحالي، وارتفاع كلفة الانتاج الحالية مقارنة بالمشاريع الجديدة مثل الطاقة الشمسية او الطاقة التقليدية التي تعتمد على التكنولوجيا. اذ تتوافر في تلك المشاريع الجديدة ميزتان أولها استمرار الكهرباء من دون انقطاع، وثانيا رخص التسعيرة على المستهلك اللبناني مما سيكون له انعكاس إيجابي في النشاط والدورة الاقتصادية”. 

سئل:  عدا قطاع الكهرباء هل هناك مشاريع اخرى؟

اجاب: “نحن نحتاج ان يعطينا لبنان أولوياته، نعلم ان لديه الكثير من المشاريع انما عليه ان يحدد الاولويات. تحدثنا صباح اليوم، مع فخامة الرئيس وقلنا له أننا نعمل في نهج جديد، وقلنا له ايضا، نحن سنعمل على دراسة الجدوى للمشاريع وعلى جلب التمويل اللازم، وأنتم فقط حددوا لنا المشروع الذي يشكل الأولوية بالنسبة إليكم”. 

سئل: ما هو المطلوب من لبنان؟ 

اجاب: “نحن نعلم ان لبنان في الفترة الأخيرة فقد الكثير من الكفاءات نتيجة الحروب الاقتصادية والسياسية مما أدى إلى هجرة العقول. نحن نعتقد ان على لبنان اعادة تكوين هذه العقول والمهن، ونحن على استعداد لتمويل دراسات والتدريب في هذا المجال. ونحن نامل ان يعود لبنان وتعود اليه الكفاءات”. 

سئل: آخر زيارة لكم ليروت كانت في العام 2023، تزامنت مع إعادة جدولة قروض لبنان، هل استطاع لبنان الالتزام بتعهداته؟ وهل  تدخل زيارتكم اليوم ضمن هذا الاطار ايضاً؟ 

اجاب: “نحن ليس لدينا اي مشكلة مع لبنان، ولم تتوقف القروض، آخر قرض قدمه الصندوق كان بقيمة 50 مليون دولار  وجه إلى بنك الإسكان. لبنان منتظم معنا، وليس لديه مشاكل تعثر او توقف، حصل ذلك في مرحلة محدودة فقط لأمور فنية انما لم يكن امراً مستمرا، لهذا السبب نحن اول جهة موجودة في بيروت بعد ان شاركنا في الطاولة المستديرة في واشنطن برئاسة معالي وزير المالية اللبناني ياسين جابر، وقلنا حينها إننا سنكون في لبنان وندعمه”.

سئل: كيف تقيّمون العلاقة بين الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي والجمهورية اللبنانية منذ انطلاقته عام 1977؟

اجاب: “لدينا علاقة متينة مع لبنان الذي يستفيد من اكبر التمويلات الصندوق، ويبلغ حجمها نحو مليار و600 مليون دولار، إضافة إلى معونات ومنح فنية بنحو 63 مليار دولار”.   

سئل: ساهم الصندوق في مشاريع استراتيجية داخل لبنان، لا سيما في قطاعات الكهرباء، النقل، والمياه. ما هو تقييمكم لفعالية ومسار هذه المشاريع التي نفذها الصندوق؟

اجاب: “حصلت بعض المعوقات، مثلا بعض المشاريع متوقفة منذ اكثر من 15 عاما، لم يكن من المفترض ان تجرى الأمور على هذا النحو. نحن لا نلوم لبنان لأن الظروف السياسية المحيطة به اضافة إلى الظروف الاقتصادية، وضعته في وضع لا يحسد عليه. ان لبنان هو الدولة الوحيدة التي تستثنى فيما يتعلق بالقروض القديمة، اذ أننا بالعادة نغلق القروض القديمة بعد فترة زمنية. 

في هذه الفترة ارتفعت التكاليف وبالتالي اختلف جدوى المشاريع، لهذا السبب تم استثناء لبنان نتيجة  الظروف التي مر بها. لكن من خلال مقابلاتنا للوزراء المعنيين في لبنان في واشنطن، نعتقد ان هناك نفسا جديدا في ما يتعلق بسرعة إنجاز المشاريع والقضاء على البيروقراطية التي كانت موجودة في السابق”. 

سئل: كيف تتم مراقبة حسن تنفيذ المشاريع الممولة من قِبلكم؟ وهل هناك آليات تقييم دورية أو تقارير دورية تصدر عن فرق متابعة في الميدان لضمان الشفافية والحوكمة في المشاريع الممولة؟

اجاب: “نعم، بالتأكيد. لدينا آليات وفرق تراقب من اليوم الاول إلى حين إنجاز العمل في المشاريع، وايضاً ما بعد الإنجاز”. 

سئل: الهبات والمعونات غير المشروطة تلعب دوراً مهماً في إعادة النهوض. ما حجم الهبات التي قدمتموها للبنان حتى الآن، وهل هناك نية لتوسيع هذا النوع من الدعم؟ وهل هناك معايير أو شروط خاصة تمنح على أساسها الهبات؟

اجاب: “بلغت نسبة المعونات والمنح الفنية 63 مليار دولار.  وهنا أريد ان افصل بين الهبة والمعونة او الهبة. ان الهبة تقدم من دون اي مردود فني بالنسبة لنا، بينما المعونة مرتبطة بمشروع ما، انها عبارة عن مساعدة فنية، على سبيل المثال ما طرحناه على رئيس الجمهورية، ان دراسات الجدوى سوف نقدمها عن طريق منح فنية نقوم نحن بها. نحن نستقدم المستشار لدراسة الجدوى واذا وافق لبنان عليها نموّل المشروع. 

اما بالنسبة للهبات فهي مستمرة بالنسبة للجامعات والمستشفيات وكل المنظمات غير الحكومية ودور العجزة والمتاحف، انه مسار لم يتوقف”. 

سئل: كيف تقيّمون مستوى التعاون مع الدولة اللبنانية في تنفيذ المشاريع الممولة من قبلكم؟ هل تواجهون صعوبات في التعاون مع الجهات الرسمية اللبنانية؟ وكيف يتم تجاوزها؟

اجاب: “علاقتنا المباشرة مع مجلس الإنماء والإعمار وهي من افضل العلاقات، اما ما بعد المجلس فهذا شأن داخلي”. 

سئل: هل من رسالة تود توجيهها إلى الشعب اللبناني؟

اجاب: “ان لبنان عضو فاعل في الصندوق العربي، ونحن موظفون عنده بحكم انه مالك فيه. ان سبب وجودنا هو الالتزام تجاه لبنان ومعرفة المشاريع التي لها الأولوية للسير بها. نحن نريد مساعدة لبنان على النهوض من الحالة التي هو فيها”.

حسن 

كما خص المستشار الاول في الصندوق العربي الدكتور ميرزا حسن، “الوطنية”، بحديث قال فيه:” نحن شركاء مع لبنان منذ فترة طويلة. كمؤسسة تنموية وصندوق تنموي ينظر إلى التنمية المستدامة. ان التنمية تأتي من قطاعات معينة  بمشاريع معينة  ويكون لها مردود على الاقتصاد والمواطن وتأثير كبير. هذا هو هدف الصندوق العربي من هذه الزيارة. انقطع لبنان لفترة طويلة عن البرامج التنموية، واحد المشاريع التي تهمنا وفي الوقت عينه تنقل لبنان من حالة إلى حالة اخرى وتاتي عليه إضافات اقتصادية كبيرة هو موضوع الكهرباء، الذي لن يستفيد منه المواطن اللبناني فقط، ان الاقتصاد سينتقل إلى مرحلة جديدة، وقدرة لبنان التنافسية ستكبر في الأسواق”. 

اضاف:”سألنا  اليوم فخامة الرئيس، لماذا لم يحصل حل لموضوع الكهرباء، فالجميع يريد الكهرباء ويريد دفع كلفة اقل. 

ان المشكلة في نظرنا، ان الكثير من الملفات الفنية تدخل فيها السياسة، ان ملف الكهرباء هو ملف فني. ونحن كصندوق عربي، طلبنا انه يجب ان  نتعامل في بعض الملفات داخل لبنان، كملفات فنية. ان التعثر يحصل لأننا نبدأ فنيا وننتهي سياسيا”.

وشدد حسن على ان ” موضوع فصل بعض الملفات الفنية سوف يعود بالنفع على كل المواطنين اللبنانيين والاقتصاد اللبناني، وعلينا ان نسلم ان هذه الملفات مهمة ونبعدها عن اي ازعاج سياسي لكي تنفذ بالطريقة التي نود ان ننفذ بها. وسوف انطلق من معالي وزير المالية السيد ياسين جابر، خلال اجتماع أصدقاء لبنان في واشنطن، الكل يريد ان يعمل في لبنان ويساعده، إذا اليوم، هناك حضور دولي ونحن أولهم، ونريد العمل في لبنان ونعني business، سوف نقوم بدراسة جدوى للمشروع، تمويله وتنفيذه بكل حوكمة”.

 ولفت إلى أننا” نعرف صراحة ان لبنان سيكون حاليا أضعف منا اداريا من ناحية المؤسسات، نظرا لهجرة الموظفين الفنيين من الوزارات التي بحاجة اليوم إلى اعادة تأهيل. فالهجرة وعدم الاستثمار في التاهيل يضعفان المؤسسات، لذلك فالطرف المقابل الذي سينفذ معي هذه المشاريع، ليس بالقوة التي كانت موجودة سابقا. وهذا الهم سيكون احد التحديات التي سنواجهها في تنفيذ هذه البرامج. لذلك، اول عمل سنقوم به هو بناء مؤسسة بفنييها، كي ينجح مشروعنا”.

واشار حسن إلى ان هناك ” وجود أشياء كثيرة يجب ان ترتبط ببعضها البعض كي نقوم بمشروع تنموي ناجح. وفي الحقيقة، اتفق معنا كل الشركاء التنمويين، سواء البنك الدولي والبنك الأوروبي وصندوق النقد والبنك الإسلامي، ان هذه هي الخطوة القادمة التي يجب ان نتبعها في لبنان”.

وختم قائلا:” نحن لدينا خطة، وليس لدينا مشكلة بالتمويل، فلبنان لديه التمويل اللازم، انما هناك قضايا اخرى يجب ان يصار إلى تعديلها كي نستطيع العمل. نحن نعلم ان هناك ضغطا على الموازنة اللبنانية والدولة لديها ديون كثيرة، سوف نشرك القطاع الخاص معنا لينجز كل المشاريع المطلوبة من كهرباء ومياه وطرق واتصالات وتعليم وصحة، ولن نضغط على الموازنة اللبنانية لأن هناك عجزا ومشكلة في سعر الصرف وامور اخرى. طبعا، ان القطاع الخاص لن يدخل في هذا المخاطر. نحن سوف نشتري هذه المخاطر ونقول للقطاع الخاص، الشيء الذي تخاف منه سوف نريحك منه، ما عليك إلا ان تدخل السوق اللبناني وتعمل. طبعا، اليوم ليس امراً سهلا ان تقنع الجهات بالاستثمار في لبنان لمدة ثلاثين او أربعين سنة، انهم يريدون الضمانات ونحن سوف نوفرها. نحن سوف نخطي خطوات كبيرة في لبنان، ونحن لا نرمي الكرة على ملعبكم انما هذه كرتنا وسوف نلعب مع بعضنا كي نحقق الهدف سويا، شرط إبعاد الملفات الفنية عن السياسة. نحن جاهزون، فلتحدد الدولة اللبنانية الأولوية وفريقنا الفني موجود حاليا في الوزارات يناقش في المشاريع التي لم تنته في القائمة منذ عشرين عاما، نحن نقفل المشاريع القائمة ونفتح المشاريع الجديدة بالنموذج الجديد. وكلمة حق تقال، ان ما شاهدناه في لبنان ان هناك نفسا وروحا جديدين، وآمل الا نضيع هذه الفرصة بوجود فريق وزاري قوي كل ننتقل إلى مرحلة ثانية. فالتنمية هي التي ستجلب السلام والأمان”. 

Exit mobile version