خاص أخبار لبنان – بقلم : اسراء كرنبش
تعدّدت منصّاتُ التّواصلِ والتّرفيهِ في مجتَمعاتِنا، وباتَ استخدامُها عندَ الأغلبِ الأعمِّ استخدامًا خاطئًا غير منطقيّ، ولعلّ المنصّةَ الأولى حاليًا هي منصةُ (التيك توك) فهل لهذه المنصّةِ المنتشرةِ فوائد ؟ أمْ أنّ مضارّها فاقت فوائدها؟
بدايةً ، من الضروري أن نعي أنّ لكلِّ شيءٍ وجهان، أحدهما حسنٌ ، والآخر سيّء ،حتّى وسائل التّواصل ، والمنصّاتُ العالميّة ،فهي لا تخلو من العيوب، والمعيارُ يكمن في حسن استخدامِ هذه المنصاتِ، وتسييرها في خدمتِنا وتطويرنا ، لا العكس.
حسب دراسات اجريت في لبنان، فإنّ مُستخدمي هذه المنصّةِ بلغ حوالي 90 مليون شخصًا ،معظمهم دون سنّ ال 24 عامًا ، وغالبًا تكون هذه الاستخدامات بهدف المتعةِ ،وإضاعةِ الوقت ، أو الاجرام حتّى.
تشكّلُ منصّةُ (التيك توك) اليوم خطرًا حقيقيًّا ،فكم من مشهدٍ مُريبٍ، غير أخلاقيٍّ، أو غير إنسانيّ حتّى، يمرُّ مرور الكرامِ أمامَ أعينِ أبنائنا ،ليزرع في عقولهم الباطنية افكارًا لا تتناسبُ مع الثّقافةِ العربيةِ عمومًا ، والثقافة الدينيّةِ على وجه التّخصيص.
كلُّ ذلك بمعزلٍ عن تفكُّك عائلاتٍ ، بفعل التّأثّر بهذه المنصّات….. ومن الجدير بالذِّكر ،أنَّ اختراعَ منصّةٍ أجنبيّةٍ كهذه، تمتاز بالسرعةِ الفائقةِ، والمقاطع السريعةِ الجذّابةِ، إنّما وُجدت لتولِّد إدمانًا لدى المُشاهد ،الّذي يستسخفُ مدّةَ المقطعِ ، ليغرقَ ساعاتٍ وساعات ، في بحرِ المنصّةِ يجوبُ خلالها المفيد ، والسخيف الدنيء ، فينتهي به المطافُ إلى ضعفِ التّركيز ، وترك المسؤوليات ، وإهمال القراءةِ والفهمِ العميق، وزيادةِ الهشاشةِ النفسية .
نعم، إنّ لهذه المنصّةِ فوائد، فلا أحد يُنكر مدى أهميتها في نشر العلم، ونقل الثقافات، وفي الاقتصاد أيضًا ،عبر الترويج والعرض، لكنّ سلبيّاتها أعظم وأكبر ،خصوصًا مع إستخدام الفئةِ المراهقةِ لها ،والتي بات أكبر همّها تقليدَ ( الترندات) الفارغةِ، الّتي تطغى بين فترةٍ وأُخرى.
إنّ مشكلةَ هذه المنصّةِ تكمن فيها ،في جوهرها، في إباحةِ عرض أيٍّ كان فيها ، فالمسألةُ هُنا ، لم تعُد ترفيهًا عابرًا ، بل معركَةُ وعيّ ، فهل نملكُ الوعي والشجاعةَ لمقاومةِ منصاتٍ تخطفُ أعمارنا وأفكارنا ؟
