رياض الحسيني
إن الإنغماس في المعرفة ، يؤهلُك دائماً للحصول على سُمعةٍ سيئةٍ وسط قطيعٍ يُقدِّسُ الجهل !في عالمٍ يزداد ضجيجه بالشعارات الفارغة والمعلومات المعلبة، يصبح الانغماس في المعرفة عملاً شبه تمردي. فحين تختار أن تبحث، وتفكر، وتشّكك، فأنت تلقائياً تخرج من الصف الطويل الذي يسير بلا سؤال. عندها، لن تُستقبل أفكارك بالتصفيق، بل ستُستقبل بالاستنكار وربما العداء، لأنك كسرت قاعدة الصمت وأحرجت من يقدسون الجهل وكأنه فضيلة.المجتمع الذي يحارب المعرفة ليس إلا مجتمعاً يخاف من التغيير، ويخشى أن تهتز أسس مصالحه أو تتعرّى تناقضاته. وهنا تكمن مرارة الحقيقة: ليس الجهل هو المشكلة الكبرى، بل الرضا به والتشبث به كما يتشبث الغريق بخشبة متهالكة.الانغماس في المعرفة لا يمنحك وسام شرف اجتماعي، بل يمنحك أحياناً لقب “المزعج” أو “المتمرد”، لكنه أيضاً يمنحك البصيرة التي تجعلك تدرك أن سمعة سيئة بين الجاهلين، هي في الحقيقة أرفع وسام يمكن أن يحمله العاقل.