Site icon Akhbar Lobnan

الراعي ترأس قداسا على نية الشهداء في كنيسة سيدة ايليج في ميفوق الجبيلية: لبنان لا يزال قادرًا على أن يكون رسالة سلام في منطقة مضطربة

 ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، قداسا احتفاليا في كنيسة سيدة ايليج سلطانة الشهداء في ميفوق – القطارة قضاء جبيل، بدعوة من رابطة سيدة ايليج، عاونه فيه راعي ابرشية جبيل المارونية المطران ميشال عون، رئيس دير سيدة ميفوق الاب ناجي ابي سلوم، في حضور المطرانين الياس نصار وخليل علوان، ولفيف من الكهنة والآباء وخدمته جوقة الأحبّة بقيادة مرسال بدوي.

حضر القداس نائب رئيس حزب الكتائب اللبنانية الدكتور نبيل حكيم ممثلا رئيس الحزب النائب سامي الجميل، الدكتور بيار يونس ممثلا رئيس حزب الوطنيين الاحرار النائب كميل شمعون، الدكتور جان الخوري ممثلا النائب اديب عبد المسيح، جهاد شوبح ممثلا النائب ميشال معوّض، بول عنداري ممثلا رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع، النواب السابقون فارس سعيد، فادي سعد وسامر سعادة، داني مصطفى ممثلاً رئيس حزب حراس الارز اتيان صقر، عضو مجلس بلدية ميفوق – القطارة بيتر الحشاش ممثلا رئيس البلدية الدكتور بشير الياس، مختارا ميفوق شارل سلامة وشادي سليمان، مختار القطارة خالد الحاج، ورؤساء بلديات ومخاتير، رئيس رابطة سيدة ايليج فادي الشاماتي والاعضاء، اهالي الشهداء ورفاقهم وحشد من المؤمنين.

عون 

في بداية القداس، القى المطران عون كلمة رحب فيها بالبطريرك الراعي في المقر البطريركي التاريخي في ايليج وفي ابرشية جبيل المارونية التي تراسها الراعي مطرانا لمدة 23 سنة، متحدثاً عن تضحيات الشهداء من اجل لبنان سيد، حر ومستقل.

العظة

بعد الانجيل المقدس القى البطريرك الراعي عظة بعنوان”وأنا إذا ما ارتفعت عن الأرض، اجتذبت إليَّ الجميع” (يو 12: 32). وقال فيها: “في عيد ارتفاع الصّليب المقدّس، نستمع إلى إعلان الرّب يسوع، خلاصة محبّته للبشريّة جمعاء: “وأنا إذا ما ارتفعت عن الأرض، اجتذبت إليَّ الجميع” (يو 12: 32). في هذا الإعلان الخلاصي العظيم، يربط المسيح بين ارتفاعه على الصّليب، وبين اجتذاب البشريّة جمعاء إلى سرّه الخلاصي. إنّه سرّ محبّته للبشر حتّى النّهاية، وبهذه المحبّة يجتذب إليه كل مؤمن ومؤمنة. إنَّ الصليب لم يعد رمز الألم، بل صار علامة انتصار وغلبة، ومنارة رجاء لكلّ الشّعوب”.

واضاف: “نجتمع اليوم في ظلّ سيّدة إيليج، سيّدة شهداء المقاومة اللبنانيّة، لنحتفل بالقدّاس الإلهي لراحة نفوس الشّهداء، وعزاء أهلهم وأنسبائهم، وسلامة الشّهداء الأحياء، الحاملين في أجسادهم علامات جروحات المسيح، لقد مات الشّهداء وحمل الأحياء إعاقاتهم في أجسادهم، من أجل خلاص لبنان، ومن أجل حياتنا. فإنّي أحيّي معكم شاكرًا “رابطة سيّدة إيليج” على تنظيم قدّاس شهداء المقاومة اللبنانيّة منذ سنوات، وعلى صيانة غابة أرز الشّهداء. وأرحّب بجميع الحاضرين، وبأصحاب السّعادة والمقامات المدنية والروحيّة”.

واردف::”وفيما نحيي معًا مرور خمسين سنة على اندلاع الحرب اللبنانية المشؤومة، سنة 1975، نتأمّل كيف أنَّ دماء الشّهداء امتزجت مع دماء المسيح على خشبة الصليب، فصارت شهادة ناطقة عن خلاص لبنان، من هنا كان شعار هذا اليوم الذي اختارته رابطة سيّدة إيليج من نشيد العلم اللبناني: “صانه ربُّه لمدى الأزمان”.

وقال: “إنَّ الذبيحة الإلهيّة التي نرفعها اليوم، في عيد ارتفاع الصليب المقدس، هي أسمى تعبير عن الشّهادة. فالصليب الذي بدا هزيمة صار علما في الحقيقة وانتصارًا. شهداء المقاومة اللبنانيّة الذين سقطوا دفاعًا عن الأرض والكرامة لم يموتوا عبثًا، بل صاروا بذار قيامة، وصرخة مدوّية أنَّ لبنان لا يعيش إلّا بالحريّة والسّيادة. من هذا المكان التّاريخي المقدّس، من سيّدة إيليج، المقرّ البطريركي، حيث البطاركة عاشوا في الألم والشّهادة والصّلاة، ارتفع ويرتفع صوت الصّلاة مع أنين الأرض والدّماء، ليقول للعالم: “لبنان وُجد ليبقى، وصمود أبنائه هو شهادة أنَّ الله يحرسه عبر الأجيال”.

واضاف: “نقف اليوم عند الذكرى الخمسين لاندلاع الحرب اللبنانيّة (1975 -2025). نصف قرن مرّ على حرب عصفت بلبنان، دمّرت الحجر والبشر، وخلّفت جراحًا لم تلتئم بعد. هذه الذكرى ليست مناسبة لفتح الأحقاد، بل هي محطّة لاستخلاص العبر. خمسون عامًا كشفت لنا حقيقة واحدة: أنَّ لبنان، رغم النّزاعات والاحتلالات والمؤامرات، ظلّ صامدًا لأنَّ الله حماه بيده. “صانه ربُّه لمدى الأزمان”، شهداؤنا الأبرار هم الذين جسّدوا هذه الحقيقة بأجسادهم ودمائهم ، قاوموا الإلغاء والاحتلال والتّقسيم، وسقطوا لكي يبقى الوطن حيًّا، إنَّ ذكراهم ليست مجرّد صفحة من الماضي، بل هي ضمير حاضر ينادينا جميعًا: أن نصون ما ضحّوا لأجله، وأن نبني وطنًا يليق بتضحياتهم. في زمن تتفتّت فيه المنطقة، وتنهار فيه الدّول، وأمام رياح العنف والاقتتال، يبقى لبنان علامة فارقة ورسالة رجاء. لبنان ليس ساحة، بل وطن رسالة، دوره أن يكون واحة حريّة وتعدّديّة وكرامة إنسانيّة. لكن هذا الدّور يتطلّب وحدة وطنيّة، والتزامًا بالعيش المشترك الحقيقي، لا بالشّعارات، بل بالفعل والإرادة”.

 وتابع: “شهداؤنا في مقاومتهم، لم يدافعوا عن طائفة أو حزب، بل عن وطن. لم يقاتلوا ليزرعوا انقسامًا، بل ليستأصلوا الاحتلال ويصونوا الكيان. واليوم بعد خمسين سنة، مطلوب منّا جميعًا أن نثبّت أنَّ تضحياتهم لم تذهب سدى، وأنَّ لبنان لا يزال قادرًا على أن يكون رسالة سلام في منطقة مضطربة”.

واكد انه “لا يمكن أن تمر هذه الذكرى دون التّوقف عند المعنى الوطني العميق، خمسون عامًا على اندلاع الحرب اللبنانيّة، وما زلنا نتساءل: ماذا علّمتنا الحرب؟ ماذا جنينا من آلامها ودمائها ودمارها؟” مشيرا إلى أنه “تبيّن أنَّ لبنان، رغم كل المخاطر، بقي صامدًا “بعناية إلهيّة”. كما جاء في شعار هذا اليوم: “صانه ربُّه لمدى الأزمان”. هذا الشّعار يلخّص الحقيقة الكبرى: لبنان ليس مشروع صدفة، بل رسالة محروسة بعين الله، رغم كل المؤامرات من الدّاخل والخارج”.

وقال: “شهداؤنا هم الذين جسّدوا هذه الحقيقة بأجسادهم ودمائهم. لقد صمدوا في وجه الاحتلالات، والتّقسيمات، ومحاولات الإلغاء، وظلّوا حرّاس الوطن وسيادته. واليوم، فيما نشهد تحوّلات كبرى في المنطقة، ودولًا تنهار وأخرى تتفكّك، يبقى لبنان مدعوًّا ليؤدّي دوره الفريد كأرض رسالة وتلاقي”،  لافتا  إلى أن “الشّأن الوطني يتطلّب منّا شجاعة جديدة: أن نستخلص العبر من خمسين عامًا من الحرب، وأن نعمل على تثبيت المصالحات، وتعزيز السّلم الأهلي، وتنقية الذّاكرة بمسؤوليّة عمليّة تعيد الثّقة بين اللبنانيّين”.

وختم: “لنرفع صلاتنا إلى الله، لكي يمنح الرّاحة الأبديّة لشهدائنا الأبرار، ولكي يثبّت عائلاتهم في الرّجاء، ولكي يحمي لبنان من المخاطر والانقسامات. ولتكن هذه اللّيتورجيّا الإلهيّة عهدًا جديدًا، فنبني معًا وطنًا يليق بتضحيات شهدائه وتضحيات حاملي علامات الحرب في اجسادهم، وطنًا يحيا في الحريّة والسّيادة والعيش المشترك، تحت راية الصليب المقدّس، آمين”.

الشاماتي 

وبعد القداس القى الشاماتي كلمة قال فيها: “خمسونَ عاماً كيوم أمس الذي عبر، مرّت على بدايةِ الحربِ اللبنانيةِ المتعددةِ الاوصافْ، خمسونَ عاماً، ولم يَعتبر اللبنانيونْ، لأن الشعوبَ عادةً، تستذكرُ مواعيدَ نهايةِ حروبِها وإقتتالِها، الا نحنُ، ما زلنا وللأسفِ ولخمسةِ عقودٍ خلَت نُحيي تاريخَ بدايةِ الحربِ في 13 نيسان 1975 ولم نعرفْ السبيلَ الى إعلانِ نهايتِها، لأن الجماعاتِ اللبنانيةْ، ومنذ اعلانِ دولةَ لبنانَ الكبيرْ في العام 1920، لم تجدْ سبيلاً لبلوغِ الاستقرارِ الدائمِ لأسبابٍ عدةٍ أهمُها: 

أولاً: ضعفُ ولائِها للدولةِ اللبنانيّةِ وبالتالي سهولة الارتباطِ بالخارجِ سياسياً وعقائدياً وعسكرياً.

ثانياً: الخلافاتُ السياسيةِ التي غالباً ما تتحولُ الى صراعاتٍ طائفيةٍ، فتَتَعَطَّلْ مؤسّساتِ الدولةِ، وتَنْهارُ كلُ محاولاتِ تجديدٍ وتطويرِ النظام. 

ثالثاً: عدمُ إسْتِخْلاصِها للعِبَرْ فَيُعيد التاريخُ نفسَه في حلقةِ قاتلةِ.

رابعاً :طغيانُ المصالحِ الخاصةِ لغالبيةِ القياداتِ السياسيةِ على حسابِ المصلحةِ الوطنيةِ وآمالِ اللبنانيين.يتصرفون وكأنهم أنصافُ آلهةٍ

ولفت إلى أنه “لكلِ ما تمَّ  ذكرُهُ، كان لكلِ جيلٍ حربَهُ ومعاناتِهِ ومراكبَ هجرتِه، ولو كان لدمِ الشهداءِ، كلَّ الشهدءِ صوتٌ، لصرخَ: كفى لا تقتلونا مع كل طلعةِ شمسٍ”.

وقال: “آنَ الاوانُ رحمةً بأولادِنا وبعدَ كلَّ التجاربِ التي مرّت بها الجماعاتُ اللبنانيّةُ كافةً، العبورَ إلى دولةٍ سيّدةٍ حُرّةٍ مُسْتَقِلَّةْ تؤمِّنُ لمواطِنيها الاستقرارَ والأمانَ الإجتماعيّ والإقتصاديّ والصُحّي، آنَ الأوانُ أن نَتَخَلَّى عن أنانيّاتِنا وأحقادِنا وعصبيّاتِنا، والقبولَ بالآخرِ كما هوَ لا كما نريدُهُ نحنُ، بذلك نَمُدُّ جسورَ الصدقِ والثقةِ وهما في أساسِ كلِ عيشٍ مشتركْ، والذي يبقى لنا خياراً لا قدراً ، آنَ الاوانُ ان  يدركَ اللبنانيونَ، أنهم ليسوا للخارجِ سوى مصلحةٍ وغايةْ، وإن الشريكَ في الوطنِ هو اقربُ اليهم من أي شقيقٍ او غريبٍ، وان حيادَ لبنانَ هو مفتاحُ استقرارِه ولا قضيةٌ تعلو على قضيتِه ولا ولاءٌ الا له، آنَ الاوانُ ان نتعلمَ كيفَ نجِدُ بأنفسِنا حلولاً لأزماتِنا فمنذ العام 1840 ننتظرُ من الخارجِ تلك الحلولَ التي تفرضْ علينا، فنرضخُ لها وللأسفْ، بعد تسديدُنا الاثمانَ الباهظةِ، آنَ الأوانُ أن يُرَدَّدْ اللبنانيّونَ كافةً مع البطريركِ الحويك يوم تأسيسَ لبنانَ الكبير: طائفتي لبنان”.

وأضاف الشاماتي: “يومَ أجبِرنا على حملِ السلاحَ دفاعاً عن لبنان، لم يكن هذا السلاحُ لنا يوماً غايةً ولا مرتجَى، لا شرفاً ولا عزّةً، لم يكن سِوى وسيلةً لا أكثرْ، والغايةُ حريةَ لبنان ، سلاحُنا الاقوى كان وسيبقى سُلُّمَ القِيَم الإنسانيّةِ النابِعَةِ من ايمانِنا، وحين اعتقدنا ان السلامَ قد حلَّ بعد اتفاقِ الطائفِ، سلمناهُ الى الدولةِ وعُدنا الى حياتِنا كمواطنينَ لنعوّضَ ما سَلبتنا اياهُ الحربْ، ايماناً منّا ان الدولةَ وحدها تضمنُ سلامَ اللبنانيينَ، وحين طعنَتنا وإضطهدَتنا لم نتخلَّ عن تمّسُكنا بوجودِها وإقتناعِنا بدورِها، وها نحنُ اليومَ ومنذ اكثرَ من ثلاثة عقود، نرصُد بشائِرَ قيامَةٍ حقيقيةٍ للدولةِ السيدةْ الحرّةِ، خاصةً في قرارِها بحصرِ السلاحِ في يدِها والشروعِ بتسلُّم سلاحَ المنظماتِ الفلسطينيةِ داخلَ المخيماتْ. فسقَطت بضربةِ السيادةْ،  الثُلاثيةُ القاتلةُ التي دمّرتْ لبنانْ ودمرّت اصحابَها لتبقى ثلاثيةٌ واحدةْ وهي الشعبُ والدولةُ والجيشْ”.

وذكَّر أنه “في العامَ الماضي ومن سيدة ايليج توجَهنا إلى جماعةِ “حزب الله”، لنقولَ لهم “إن مشروعَكم للُبنانَ الذي تحاولون فرضَهُ على بقيةِ اللبنانيين، سيسقطُ وستسقطونَ معه. لبنانَ لن يكونَ تابعاً ولا ساحةً لأحد، جَنِّبوا لبنانَ الدمارَ. “لكنَهم ما سَمعوا لأحد، ففائضُ القوةِ اعمى البصرَ والبصيرةِ فسقطوا مع مشروعِهم وبقيَ لبنان”.

واردف: “واليومَ نتوجَهُ الى اهلنا الشيعةِ في لبنان، بكلِّ صدقٍ ومحبةٍ لنقولَ لهم: لم يكنْ السلاحُ مرةً ضمانةً لأي طائفةٍ، ولا حتى اختذالَها بقيادةٍ آحاديةٍ تُلغي النُخبْ وتَقتلُ الاحرارْ وتكتمُ الاصوات، يُعتبر ضمانة، فالضمانةُ الوحيدةُ لكل الطوائفِ هي الدولةُ القادرةُ بمؤسساتِها وجيشِها، والضمانةُ الأهم هي محبةُ اللبنانيين التي أبدوها لكم في معاناتِكم بالحربِ الأخيرةِ، فبادِلوهم إياها وتحَرروا من موروثاتِ ماضٍ قد مضى، وتعالوا الى رحابِ الوطنِ والدولةْ، رحمةً بشبابِكم  الذين قضوا، وقُراكم التي دمرت، وجراحُكم التي ما زالت تنزُفُ ،الوطنُ للجميع والدولةُ نبنيها سوّيةً وبذلك نعيش معاً بسلامْ”.

وقال: “نحن في رابطةِ سيدةَ ايليج، الرابطةُ البطريركيةُ كما تحبّ ان تدعوها دوماً، لا غايةً لنا الا لبنانَ السيدْ الحُر المستقلْ، حاربنا لأجلهِ واستشهدَ رفاقِنا ليبقى. لا دستورَ لنا في عملنا الا الحقَ والحقيقةَ، ونِبراسُنا تعاليمَ الكنيسةِ ومقرراتِ مجامعِها ،ولا ضمانةً لنا الا رعايتِكم لدورِنا، ورسالتِنا القاضيةِ بحفظِ إرثِ الشهداءِ والمقاومين،  والدعوةُ المستمرةُ الى تنقيةِ الذاكرة، ونشرُ ثقافةَ السلامِ والمصالحةَ والغُفرانْ، زادنا في ذلك قوةً واحدةً قادرةً على كل شيء، هي قوةُ المحبةْ، ولماذا إصرارُنا على ذلك رغمَ التحدياتِ والمزايداتِ والعصبياتِ حتى من أهلِ البيتْ، لأننا جُرحنا وتألمنا وفقدنا أحبّةً شهداءْ، لأجلهم ولأجلِ كل الدماءِ التي روت هذه الارضْ، ولأجلِ الاجيالِ الاتيةِ، لن نتراجعَ ولن نستكينَ ولن تخبوَ شجاعتُنا، فمن خاضوا الحربْ هم وحدُهم القادرونَ على صناعةِ السلامِ، وسنربَحُ الرهانْ، لأن الله في تطويباتِه على الجبلِ قال: طوبى لصانعي السلام فإنهم أبناء الله يُدعون”.

وتوجه إلى رئيس الجمهورية “من أرضِ الشهداءِ والبطاركةِ والعذراءَ ملكةَ السلامْ، وهو الحريصُ على وحدةِ اللبنانيينْ الى المبادرةِ لتشكيلِ الهيئةَ الوطنيةِ للمصالحةِ والمصارحةِ، لتكونَ مساحةً مشتركةْ للمكوناتِ اللبنانيةِ كافةً  لكي تتصارحَ بالهواجسِ وتُقرَّ بالاخطاء وترسّخَ ثقافةَ النقدِ وتجمعُ اجزاءَ الماضي المتضاربة، لتصنعَ مستقبلاً واحداً، فليس بذلك انكساراً او هزيمةً، بل سعياً صادقاً للعيشِ معاً وليبقى لبنان”.

كما توجه إلى ارواح الشهداء بالقول: “في يومِ ارتفاعَ صليبُ الربِ، غيرَ الحنينُ والوفاءُ، يجمُعنا بكم الرجاءُ بالقيامةِ، وقيامةُ لبنانَ، وها انَّ  تضحياتِكم في سبيلِ الوطنِ الحرِّ، بدأت تلوحُ بشائرُها في أفقِ الايامِ الآتيةِ، ولو بعدَ مخاضٍ ربما سنضطرٌ لعبورِه، فإفرَحوا من عليائِكم باقونَ انتم في ضمائرِنا علامةَ الصمودِ والنهوض، لا الهروبِ والسقوط، وعلى رجاءِ ان نحتفلَ وبفضلِكم في المستقبلِ القريب، بذكرى نهايةِ حروبِنا وننسى معاً 13 نيسان 1975، ولكن لن ننساكم ما دمنا أحياءً”.

وقال: “غريبٌ أمرُ هذا الوطنْ، ففي تاريخِه لم يبقَ غازٍ الا وطَمعَ فيه، ولا مُصيبةٍ الا وحلّت به. يكفيه السنواتِ الاخيرةِ من وباءِ الكوفيد الى الانهيارِ الاقتصادي وسرقةِ ودائعَ الناسِ وتفجيرِ مرفأ بيروت، وتحلُّلٍ لمؤسساتِ الدولة، وصولا الى حربٍ عبثيةٍ مدمرةٍ فُرضَت عليه وبقي ، فليس صدفةً ان يُذكرَ اسمُه في الكتابِ المقدس 71 مرةً، وليس من بابِ الصدفةِ ايضاً ان يَرتبطَ إسمُه بطائرِ الفينيق الاسطوري الذي دائماً ما ينهضُ من رمادِ النارِ ويعودُ للحياةِ محلقاً للاعالي ، وليس صدفةً ان يكونَ للبطريركيّةِ المارونيّةِ الدورُ الأساسِ في إنشاءِ دولتِه في العامِ 1920 كانت ضميرُ هذا الوطنِ تصونُه وترعى أبناءه من دونِ أي تفرقة”.

وختم: “في تدبيرِ الله ليس من مكانٍ للصدفةِ، ليُكتَب في نشيدِه الوطني صانه ربّه لمدى الازمان،  فتعالوا ايها اللبنانيون نشاركُ اللهَ في تدبيره بشفاعةِ سيدةَ ايليج سلطانةَ الشهداء”.

الميداليات 

ثم قلد البطريرك الراعي ميدالية سيدة ايليج الى كل من الدكتور فؤاد ابو ناضر ، زياد صعب وبدري ابو ذياب لدورهم في نبذ العنف وتنقية الذاكرة  وارساء المصالحات والسلام بعد خوضهم الحرب، بعدها اقيمت صلاة رفع البخور في مدافن الشهداء.

Exit mobile version