
جنت قبرص نحو 8.25 مليار دولار من بيع 4 آلاف جواز سفر منذ 2012، وذلك وفق تقرير نشرته صحيفة لوفيغارو الفرنسية.
وأعلن الاتحاد الأوروبي أنه يعتزم اتخاذ إجراءات قضائية بحق الجزيرة على خلفية برامج منح جوازات السفر الذهبية لمستثمرين يشتبه في تورطهم في قضايا غسل أموال وتهرب ضريبي.
ووفق ما ذكر المصدر فإن قبرص تعاني من تهديدات تركيا، التي وسّعت نفوذها البحري في المنطقة، إلى جانب تبعات فضيحة جوازات السفر الذهبية. وانطلق هذا البرنامج في 2007، ويسمح للأثرياء بالحصول على جواز سفر أوروبي من خلال شراء عقار بقيمة 2.5 مليون يورو.
وتقوم عدة دول أوروبية ببيع جوازات سفرها مقابل استثمارات، مثل البرتغال التي منحت 22 ألف جواز في ظرف عشرة أعوام، غير أن تراخي السلطات القبرصية مكّن العديد من المستثمرين، المشكوك في ذمتهم المالية، من الحصول على وثيقة سفر أوروبية من دون الحاجة إلى الإقامة في الجزيرة.
ومعظم هؤلاء المستفيدين لم تطأ أقدامهم الجزيرة، إذ تم اعتماد ملفاتهم عن طريق مكاتب المحامين، الذين ارتفع عددهم وزاد انتشارهم في قبرص. وقال المحلل الاقتصادي ستيليوس بالتيش لصحيفة لوفيغارو إن هذه الممارسة عرفت أوجها في 2013، حين شرعت الجزيرة في الخروج من الأزمة الاقتصادية والمصرفية المؤلمة. وتابع “بالطبع تفشى الفساد بسبب بعض السياسيين الذين بنوا ثروات على ظهر البلد، لقد حوصرت مدننا ببنايات ضخمة فارغة”.
وتؤكد الإحصائيات الرسمية إلى أن قبرص سلمت 4 آلاف جواز سفر منذ 2012، لكن السلطات لم تكشف حتى الآن عن أسماء المستفيدين ولم تسمح لأي جهة بالاطلاع عليها. ولفتت الصحيفة الفرنسية إلى أن بيع هذه الجوازات تم مقابل استثمارات بقيمة 8.25 مليارات دولار.
المفوضية الأوروبية والمنظمات غير الحكومية تضغط بانتظام على سلطات الجزيرة حتى تتخلى عن هذا البرنامج الذي يعتبر وسيلة للتهرب الضريبي وغسل الأموال. ففي 2019، تم فتح تحقيق قضائي بعد منح جواز سفر لأحد المقربين من الوزير الأول الكمبودي، ويتعلق الأمر بقائد الشرطة المتورط في قمع التظاهرات المناهضة للحكومة.
كما لفت انتباه هذه الواقعة قناة الجزيرة، التي نجح صحفيها في الإيقاع، في أغسطس الماضي، برئيس البرلمان القبرصي ديميتريس سيلوريس. ففي أحد الفيديوهات يظهر الصحافي وهو يقدم نفسه كمستثمر صيني مهتم بالحصول على جواز سفر قبرصي على الرغم من سوابقه العدلية، بينما يؤكد له رئيس البرلمان بأن الحصول على الجواز ممكن ومن دون أي عراقيل أو مشاكل.
وبدوره رئيس البرلمان القبرصي نفى هذه الوقائع ولكنها أجبرته على الاستقالة من منصبه، بعد أن خلفت انزعاجاً كبيراً. ولم تكشف السلطات عن جنسية المستفيدين من الجوازات الأوروبية، لكن تحقيق “الجزيرة” انتهى إلى أن غالبيتهم من الروس والصينيين.
و أعلنت حكومة نيكوس أناستاسياديز الإلغاء النهائي لهذا البرنامج المثير للجدل في الأول من نوفمبر المقبل، وذلك سعياً لطمأنة مواطنيه، الذين خرج العشرات منهم للتظاهر في نيقوسيا وهم ينادون “قبرص ليست للبيع” و”نرفض منح المواطنة للمحتالين”،كما تقرر أيضاً فحص جوازات السفر التي تم تسليمها من قبل السلطات خلال السنوات السبع الماضية، لكن النقاش حول ثمن المواطنة لا يزال حامياً سواء في البرلمان أو وسائل الإعلام القبرصية..



