مجتمع

صرخات مكتومة تحت سماء ملبدة بالخذلان

كتب علي هاشم

أي صدى يرتد اليوم في أزقة غزة المدمرة، حيث يئن الأطفال تحت وطأة الدمار؟ أي اسم نطلقه على الحق المهدر، على الطفولة المسلوبة تحت أنقاض الأماني؟ وأي قاموس يسع لوصف هول ما جرى ويجري في سوريا الجريحة، في لبنان المثقل بالأوجاع، في يمن العروبة المنكوب، وفي عراق الحضارات الدامية؟
لقد تسلل سم الحقد بين قلوب حسبناها يومًا تنبض بوحدة العقيدة، فتمزقت الروابط وتصدعت الأخوة. وأي وحشية هذه التي تجيز ذبح إخوان لنا في الإنسانية من العلويين والدروز وغيرهم؟ أي فتوى شيطانية تبيح سفك الدماء باسم الدين، والدين منها براء؟ أي انحدار أخلاقي قاد هذه الشعوب لتتحول إلى وحوش ضارية، تمزق لحم بعضها البعض بضراوة؟ هذا ليس دينًا، بل هو مسخ بشع للإنسانية وقيمها.
أين اختفت حناجر الإنسانية التي كانت تصدح بالويل والثبور لانتهاك أقل حرمة؟ أين عيون العالم التي كانت تذرف الدمع سخيًا على أطفال مزقتهم الحروب البعيدة؟ اليوم، أطفال غزة يئنون تحت وطأة القصف، وأجسادهم الصغيرة تتحول إلى شظايا تروي قصة صمت مخزٍ، صمت يلطخ جبين الضمير العالمي بعار أبدي.
نقف على حافة الهاوية، ننتظر قدرًا أسودًا يلوح في الأفق، قدرًا رسمته أيادٍ خفية تسعى لتمزيق أوصال أمتنا. سوريا بالأمس كانت الناذرة، واليوم يمتد شبحها ليخيم على لبنان، لينذر بخراب شامل يطال كل بقعة عربية، تحقيقًا لمخططات شيطانية نسجت خيوطها منذ عقد ونصف.
وأين ذهبت أيادي الخير التي كانت تمسح دمعة يتيم وتسد جوعة فقير في اليمن وفي كل مكان؟ لقد جف النبع وتوقفت العطايا، والأسباب باتت واضحة وضوح الشمس في رابعة النهار.
يا لها من مأساة! ويا لع من صمت مدوٍّ! نسأل الله رب الخلق أن ينجينا من بأس المنافقين القتلة، الذين يشعلون نار الفتنة ويذبحون الأبرياء باسم باطل. إنها صرخات مكتومة تخترق جدران الصمت، لعنة تطارد المتخاذلين، وشهادة دامغة على زمن انحدرت فيه قيم الإنسانية إلى الحضيض.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى