مجتمع

رسالة الى اخوتي وشباب بلادي وأحبابي

كتب: د.جيلبير المجبر

‎الشباب لديهم أحلام كبيرة، أما تنمو تلك الأحلام ‎ وأما تموت….‎وهم بحاجة إلى ما يفعلونه لتحقيق تلك الاحلام…‎بحاجة إلى ما يجعل حياتهم ذات قيمة…‎بحاجة إلى العاطفة والحب، إلى من يحبونه، لان ” المحبة هي شبه إله”… وإلى تأكيد الذات، عبر الانضمام إلى إحدى الجمعيات التي تلائم ميولهم وعواطفهم واهواءهم… لأن العمل المشترك والحب بين الأعضاء يؤديان إلى التماسك والتازر والتعبير عن المشاعر الحقيقية، والقدرة على الاستماع… ‎ان الشباب بحاجة إلى التفاعل والتعاون، وبحاجة إلى المكانة الإجتماعية وإلى الاحترام والتقدير…‎وإن إقامة اللقاءات والمحاضرات، والاشتراك في النشاطات الثقافية، وتبادل الآراء، أشياء مهمة تساعد على التقدم الفكري ومجاراة التطور، وترفع الفرد إلى مرتبة أعلى من الرقي، ولها تأثير في ثقل الذوق الفني والأدبي والعلمي…‎وأيضا ممارسة الرياضة،‎الرياضة الروحية، مثلا، للرجوع إلى الذات…‎إلى جانب ممارسة إحدى الرياضات الجسدية، كالركض، والعوم، والتسلق، والتنزه في الطبيعة مشيا على الأقدام…الخ، إنها وسائل عملية فعالة وغير مكلفة ماديا، وهي تساعد على تنمية الجسم والعقل، وتنقي الدم وتنشط الدورة الدموية، وتساهم في إضعاف روح الانقسام والجهل وما ينجم عنهما من أضرار…‎وأهم الحاجات الأساسية لنمو النفس البشرية، الحاجة إلى الإستقرار والأمن، أمور تستوجب الأمن الأسري…‎لأن الولد الذي يتمتع بالاشباع العاطفي والأمن منذ الصغر، ينظر إلى الآخرين نظرة محبة وتعاون…‎وأن حرمانه في سن مبكر من رعاية الوالدين، بسبب تفكك العائلة، يؤدي إلى ظهور أعراض اضطرابات نفسية مختلفة لدى الشباب وإلى المزيد من الإحباط…‎من هنا نرى، أهمية المعايير الإجتماعية، التي تشمل التعاليم الدينية وبث روح الإنجيل في النشء، والقيم الإجتماعية، والاخلاقية، والعادات والتقاليد السامية التي يرتكز عليها مجتمعنا… لأن الإنسان الملتزم بالإيمان الحقيقي، وبالقيم والمبادىء الأخلاقية والإنسانية هو أعظم إنجاز…‎غير ان هذه المعايير لا تحقق الغاية المثلى في تنشئة جيل صالح إلا إذا اقترنت بالنزعة “العلمية العملية”…‎إذ ان الشباب بحاجة إلى ايجاد فرص عمل تلائم ثقافتهم وكفاءاتهم العلمية، لكي يشعروا أنهم يملكون حرية التعبير عن أنفسهم، وأنهم أحرار في إستثمار طاقاتهم في عمل بناء…‎ولكن كما يبدو، من عمل السلطة، أنها غائبة عن المشهد الوطني، وهي بعيدة كل البعد عن معاناة المواطنين وحاجاتهم الملحة، لأن أفرادها منشغلين بتقاسم المنافع وبالمهاترات وتبادل التهم فيما بينهم… وفي أعمال الفساد… والتمادي في هدر المال العام…‎لذلك، الحاجة قد أصبحت ملحة للتغيير لأن الوضع لم يعد يحتمل،‎وبات من الضروري تلاحم الإرادة الشبابية، إلى جانب الإعلام الحر لتكوين رأي عام صادق يظهر الخلل في أداء الحكم والأخطاء الجسيمة التي ترتكب بحق الوطن ويحول دون عودة هذه الطبقة الفاسدة إلى الحكم، فيميز الفاسدين من بين الصالحين، ويطرح الفاسدين جانبا… لأن ” الأعشاب الضارة تجمع وتحرق في النار…”‎وإلى الشباب اقول:‎العلم بلا عمل لا قيمة له، كما ان الإيمان بدون عمل ناقص…‎أقرنوا العلم بالعمل، وحولوا الأمل إلى حقيقة…‎اشهدوا للحق في وجه المضللين والعابثين بحياتكم، ولتتضافر جميع الجهود لاقصاء الذئاب التي تنهش لحمنا حتى العظم…‎أنتم، ايها الشباب، رواد المستقبل وصانعوه…‎الشعب الذي صنع الحرف ونشره، نورا وهداية إلى العالم، من شواطئ جبيل التاريخية… هذا الشعب قادر ان يقصي “عصابة الأيادي السود” عن الساحة السياسية، ليعود لبنان منارة حق وعدل وابداع وحضارة في هذا الشرق…‎لديكم العلم والثقافة والرقي الاجتماعي والقدرة على العمل والإنتاج،‎ولديكم الشجاعة والعزم…‎لا تقفوا أمام شباك الانتظار، بل تابعوا السير إلى الأمام،‎أرسطو كان يرى:‎” ان أتعب الأعمال مفعم باللذة”…‎العمل مفيد، وبواسطة العمل تكون لكم استقلاليتكم…‎كان شكسبير يعتقد:”ان الأفكار والآمال أحلام لا تصح إلا إذا أبرزها العمل”… فالحياة ليس لها معنى إذا شابتها البطالة…‎ولولا العمل لما تقدمت البشرية في شتى مجالات العلوم والاختراعات والطب… الخ…‎روكفلر الثري الشهير، حين سئل عن مقدار ثروته أجاب: “اي ثروة تعنون” فقيل له: “ثروتك” فقال: “تعد ثورتي بكذا وكذا…، أما الباقي فلا قيمة له في نظري، لأنني ورثته عن أبوي وليس لي يد في كسبه”،‎الإنسان يفخر ويفرح بما يجنيه بتعبه وعرق الجبين…‎أحبائي‎أود ان ألفت انتباهكم إلى شيء مهم جدا، هو ان الحياة هي سلسلة من الخيبات والفشل، يكتنفها اليأس والألم، ولكن الثقة بالنفس هي السبيل للنجاح، لأن الواثق من قدرته يستأنف العمل بعد كل فشل يصيبه ولا يستسلم، يبقى لديه الأمل والرجاء،‎والإيمان بالله، الذي يولد داخله إشعاع نور يضيء حياته، ويجدد ثقته بنفسه ويجعله يشعر بلذة الكفاح، ليندفع من جديد نحو هدفه، بصبر وجلد ومتحديا الصعوبات…‎ان مسؤولية التغيير وضخ دم جديد داخل السلطة تقع على عاتتقكم انتم الشباب المثقف والمفكرين، لنشر الوعي، لأنكم اوسع حسا وفهما للواقع الذي نعيشه…‎انتم، اليوم، مدعووين “إلى إضاءة شمعة على الذات المنكفئة”،‎مدعووين لرفض الانصياع لإرادة زعماء تربعوا على عرش سلطة الفساد عشرات السنين، قادوا البلاد خلالها إلى الخراب…‎الانتخابات النيابية اليوم هي مسألة إثبات وجود، “نكون او لا نكون”…‎فإما نستسلم للواقع ونبقي خاضعين لهيمنة السياسيين التقليديين، الذين تاجروا بالوطن ودمروا مقومات الدولة واورثونا ما يقارب 86 مليار دولار ديون،‎وأما نحطم القيود ونتطلع نحو بناء مستقبل حر خال من التبعية ومن سلطة أحزاب دمرت كيان لبنان ولم تجر لنا سوى الويلات والحروب قرابة ما يزيد على ثلاثين سنة…‎نحن نسعى إلى دولة العدالة والقانون… وان تكون السلطة نابعة من إرادة الشعب وملتزمة قضاياه…‎نسعى إلى وطن يكون فيه الإنسان قيمة أخلاقية…مفعم بروح الإيمان الحقيقي وبالروح الوطنية…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى