مجتمع

التشخيص المبكر للصعوبات التعلميّة

بقلم: ناديا قاسم عطوي

يبدأ التشخيص باكرًا جدًّا، منذ ولادة الطفل، وأوّل مشخّصٍ للطفلِ هيّ أمّهُ باعتبارها أكثرُ مَنْ يقضي الوقت مع طفلها، كما أنّها تعرف جيّدًا تصرفاته وقدراته، حين تلاحظ الأمُّ بطءًا في تلقّي طفلها لمَ تحاولُ تقديمه له من تعليمات، ففي مرحلة ما قبل المدرسة فان المفتاح الأساسي هو: عدم قدرة الطفل على استخدام اللغة في الحديث عند سن 3 سنوات، عدم وجود مهارات حركية مناسبة- مثل فك الأزرار وربطها وتسلق الأشياء- عند سن 5 سنوات. من هنا يبدأ الشّكُ في في وجود خللٍ وظيفيٍّ ما، فتلجأ الأمُّ إلى الإختصاصيّن وتعرض الطفل عليهم لتبعدَ شكوكها أو تأكدها.
يأتي دور الاختصاصيين في ضرورة إخضاع الطفل لعدة فحوصاتٍ مترابطة تصبُّ جميعًا في تشخيص نوع الصعوبة الموجودة عنده.
يعتمدُ الإختصاصيون عدة طرقٍ لتشخيص الحالة منها ما يعتمد على التاريخ العائليّ الوراثي، التخطيط والصور المخبريّة، الفحص النفسي، فحص معدّل الذكاء، الأعراض الأكثر بروزًا، فحص الأعصاب ونسبة استجابتها وغيرها من الفحوصات التي يخضع الطفل لها حسب حدّة الأعراض.
بعد استبعاد الإعاقات الجسدية التي يمكن لها أن تعيق التلقي التعلميّ للطفل، تأتي أهميّة مرحلة تشخيص نوع الصعوبة التعلميّة التي يواجهها الطّفل في سنّ الدّراسة من خلال:
إجراء تقييم تربوي شامل لتحديد مجالات القصور، تقرير وافٍ عن حالة الطفل الصحية والتأكد من عدم وجود إعاقة مصاحبة، تقرير إذا كان الطفل يحتاج علاجاً طبياً جراحياً أو تربوياً، اختبارات معيارية المرجع لمعرفة مستوى الأداء لقياس التحصيل الأكاديمي، مقارنة أداء الطفل مع أقرانه من نفس العمر والصف، القياس اليومي المباشر، وملاحظة الطفل وتسجيل أداء المهارة المحددة، تقرير عن الخبرات التعليمية السابقة لديه وهل هي مناسبة لعمره الزمني أم لا، إخضاع الطفل للاختبار النفسي لاستبعاد أي مشكلة نفسية قد تسهم في ضعف التركيز.
يتّسمُ أطفال الصعوبات التعلميّة بعدّة سماتٍ قد تتوفّرُ، أهمّها: السلوك الاندفاعي المتهور، النشاط الزائد، الخمول المفرط، الافتقار إلى مهارات التنظيم أو إدارة الوقت، عدم الالتزام والمثابرة، التشتت وضعف الانتباه، تدني مستوى التحصيل، ضعف القدرة على حل المشكلات، ضعف مهارات القراءة، قلب الحروف والأرقام والخلط بينهما، تدني مستوى التحصيل في الحساب، ضعف القدرة على استيعاب التعليمات، تدني مستوى الأداء في المهارات الدقيقة (مثل الكتابة بالقلم و تناول الطعام و التمزيق، والقص، والتلوين، والرسم …)، التأخر في الكلام أي التأخر اللغوي، وجود مشاكل عند الطفل في اكتساب الأصوات الكلامية أو إنقاص أو زيادة أحرف أثناء الكلام، ضعف التركيز، صعوبة الحفظ، صعوبة التعبير باستخدام صيغ لغوية مناسبة، صعوبة في مهارات الرواية، استخدام الطفل لمستوى لغوي أقل من عمره الزمني مقارنة بأقرانه، صعوبة إتمام نشاط معين وإكماله حتى النهاية، صعوبة المثابرة والتحمل لوقت مستمر (غير متقطع)، سهولة التشتت أو الشرود، أي ما نسميه السرحان، ضعف القدرة على التذكر، صعوبة تذكر ما يُطلب منه (ذاكرته قصير المدى)، تضييع الأشياء ونسيانها، قلة التنظيم، الانتقال من نشاط لآخر دون إكمال الأول، عند تعلم الكتابة يميل الطفل للمسح (الإمحاء) باستمرار.

يسهم التشخيص المبكر للصعوبات التعلميّة في تحسين نوعيّة العلاجات المقدّمة والتحسين من مستوى تلقي هذا العلاج عند الطّفل. يشارك في تقديم العلاج – بالإضافة للعلاج الدوائي- المعالج النفسي، المعالج الإنشغالي، المعالج الاجتماعي، معالج النّطق واللغة، المعلمون في المدرسة، والأمّ في المنزل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى