مقابلات

قراءة في صلاحيات الرؤساء تشكيل الحكومة

كتب وليد صليبي

أراد المشرع الدستوري ان يكون رئيس الجمهورية حكما بين السلطات. ما يدل على ذلك، هو عدم اعطائه الحق في التصويت داخل مجلس الوزراء لئلا يحسب على طرف دون الاخر ما يبعده عن المشاحنات السياسية ويوفر له الارضية الصلبة ليكون حكما بين مختلف الافرقاء السياسيين. ففي حال الخلاف داخل مجلس الوزراء يتم اللجوء الى الرئيس للتوفيق بين الاراء والتأليف بين القلوب كونه الحكم الذي تناط به فك العقد السياسية قبل اللجوء الى الخيار الاخير المستبغض الا وهو التصويت.

من مستلزمات الحكم الناجح ان يكون على مسافة واحدة من جميع الافرقاء داخل مجلس الوزراء. فلا يميل الى طرف دون الاخر. ان صفة الحكم تلك لا تنتقص من مكانة الرئاسة انما ترفعها فوق المنازعات والمشاحنات السياسية لتجعلها رمزا لوحدة الدولة والمؤسسات ومؤتمنة على الدستور.

تندمج هذه الصفة الدستورية بصفة اخرى اكثر وضوحا في الدستور الا وهي عدم مسؤولية رئيس الجمهورية عن اعماله في حال قيامه بوظيفته الا في حالتي خرق الدستور او الخيانة العظمى. فالرئيس لا يسأل عن اعمال الحكومة امام مجلس النواب. اما الذي يسأل فهم رئيس الحكومة والوزراء. لذلك فعندما يحجب مجلس النواب الثقة عن الحكومة تعتبر الحكومة مستقيلة ولا يطال ذلك رئيس الجمهورية. وهو لا يقرر لوحده انما يشترك معه في التوقيع على مقرراته رئيس الحكومة والوزير او الوزراء المختصون وذلك لإشغال مسؤولية الحكومة تجاه مجلس النواب عبر من تناط بهم المسؤولية.

ان صفتي الحكم وعدم المسؤولية توضحان اي غموض او إلتباس قد يكتنف نصوص الدستور حول صلاحيات رئيس الجمهورية.

اذا وضعنا عدستي الحكم وعدم المسؤولية سوف نرى بوضوح صلاحيات رئيسي الجمهورية والحكومة في تشكيل الحكومة العالقة بين الرجلين منذ اكثر من خمسة أشهر فيما البلد على حافة الهاوية. فصفة الحكم من المفترض ان تجعل الرئيس مترفعا عن ان يبحث لنفسه في التشكيلة الحكومية عن حصة من هنا او حصة من هناك كي لا يصبح طرفا داخل مجلس الوزراء. اما صفة عدم مسؤولية رئيس الجمهورية عن اعمال الحكومة، فتطلق يد رئيس الحكومة المكلف في التأليف كونه هو من سيتحمل تبعة اعمالها امام مجلس النواب الذي يمنحها الثقة استنادا الى موافقة اغلبية الكتل البرلمانية على التشكيلة الحكومية. فرئيس الحكومة يكون قد استمزج اراء الكتل البرلمانية ووقف عند مطالبها خلال الاستشارات النيابية التي يجريها قبل ان يرفع تشكيلته الحكومية الى رئيس الجمهورية الذي يصدر مرسوم تشكيلها بالاتفاق مع رئيس الحكومة.

فمن منطلق دوره كحكم يقتضي ان يحكم اتفاق الرئيس مع رئيس الحكومة مدى تحقق التوازن السياسي في التشكيلة الحكومية ومدى عدم وجود اي غبن قد يلحق بأي مكون من مكونات البلد. ومن منطلق مسؤولية رئيس الحكومة امام مجلس النواب يقتضي من رئيس الجمهورية التأكد من ان التشكيلة التي يقدمها الرئيس المكلف سوف تحظى بثقة البرلمان لكي لا يتم اضاعة وقت البلد في تشكيلة لن تنال الثقة البرلمانية.

ان الحرص على تطبيق روح الدستور يجنب اضاعة الوقت في تعطيل تشكيل الحكومة ويجعل المسؤولين يتفرغون للعمل بجهد واخلاص لانتشال البلد من حافة الهاوية التي ينجرف اليها بقوة بفعل الازمات السياسية والاقتصادية والمالية والمعيشية.  

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى