مقابلات

الحكم ليس نزهة في بستان

كتب وليد صليبي

لقد أنهك الجنرال.

 فتتت الازمات المتوالدة والمستعصية عزيمته.

 انذر شعبه بجهنم.

 فضّل ان يكون قد ورث بستان جده على عمله كرئيس للجمهورية. علما انه كان قد إستمات للوصول الى سدة الرئاسة. فقد عطل الانتخابات الرئاسية عامين ونصف وبذل الحلفاء والخصوم لينتخب رئيسا. لقد بدّد كل الامال بالتغيير والاصلاح التي عقدها عليه محازبوه ومناصروه. يبحث المراقب عن انجاز واحد في هذا العهد فلا يجد. كل الوعود تبخرت وحل محلها المصائب التي لا تعد ولا تحصى. وبالمحصلة لا يتحمل الجنرال، صاحب نظرية الرئيس القوي، المسؤولية انما يلقي باللوم على المنظومة الحاكمة. يقول “انني لم اتخيل اني ساكون مكبلا الى هذه الدرجة”. لكن من يكبلك يا فخامة الرئيس. انهم حاشيتك قبل خصومك. فالصهر الطامح لخلافتك يريد عهدك مطية له. والشعب اللبناني يدرك تمام الادراك ان ذلك على قلبك مثل العسل طالما انك القائل يوما “لا داعي لتشكيل حكومة كرمال عيون الصهر”. وذلك عندما اراد توزيره رغم سقوطه في الانتخابات النيابية. اما اليوم فباتت طموحات الصهر بمستوى رئيس فليبذل الغالي والنفيس في سبيل وصول جبران. فلا تشكيل لحكومة طالما انها لا توصل الصهر الى مبتغاه. البلد ينجرف بقوة نحو حافة الهاوية والجنرال يعبّد طريق قصر الرئاسة لصهره على انقاض اللبنانيين الذين لم يسحقوا في عهد كما سحقوا في هذا العهد.

لقد استنفذ الصهر الرئاسة الى اقصى حد. لقد اوصلها الى طريق مسدود. فلا حل للازمات الدولارية والمعيشية والسياسية طالما ان الهم هو حل شيفرة انتخابات الرئاسة المقبلة. وذلك عبر العزف على وتر ضياع حقوق المسيحيين التي احترف الصهر عزفها على وقع تأييد حزب الله المتفاهم معه لكن ليس الى حد استنفاذ روح البلد على حد توصيف الامين العام للحزب السيد حسن نصرالله الذي دفع بخطابه الاخير بقوة نحو التسوية لتشكيل حكومة باتت في مقام ورقة التوت التي ستغطي عورات طبقة سياسية لا تعرف كيف ستسد الثغرات في سفينة الوطن المبحرة في اشد العواصف التي شهدها اللبنانيون.

بالعودة الى فسحة التخلي بالتمني ببستان الجد فلا يبدو ذلك توجها نحو التنحي بقدر ما يبدو تعبيرا عن جسامة الاثقال التي يئن تحتها الرئيس وعن شدة التكبيل الذي يزنره. لكن شدة ما يعانيه الرئيس لا يقاس بما يعانيه اب يلهث وراء تحليق سعر صرف الدولار لتأمين عبوة حليب او عبوة زيت يتنازعهما مع الاخرين في السوبرماركت. ولا يقاس بأسى ام تحتار ما تعد من طعام يسد جوع اولادها في ظل الارتفاع الجنوني لاسعار المواد الغذائية. ان القائد الحقيقي هو الذي يهوّن على المواطنين مصاعب الحياة. وهو الذي يدخلهم بستان عدن بدل ان يتمناه لنفسه حيث ان “القائد يجب ان يقف صامدا كالصخرة التي تتحطم عليها الامواج” بحسب قول الجنرال والمؤرخ الحربي الالماني كارل فون كلاوزفيتز. بالمحصلة، يبدو ان كثيرا من اللبنانيين يتمنون لو ان الرئيس ورث بستان جده لكان ارتاح وريّح.   

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى